إعلان

 

تابعنا على فيسبوك

موريتانيا ومعركة السيادة الغذائية

جمعة, 01/08/2025 - 20:46

 في عصر العولمة الاقتصادية وشراسة المنافسة في الأسواق العالمية تبرز أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي لكل بلد وفي كل المجالات وخاصة الغذائي منها، والذي أضحى يقاس استقلال الدول بمستوى قدرتها على إنتاج وتخزين حاجياتها من الغذاء.

 

لقد وعت موريتانيا الواقع العالمي الجديد الذي لا مكان فيه إلا لمن يأكل من أرضه لا أن يكون تحت رحمة الخارج في غذائه، وبادرت الحكومة منذ العام 2019 بوضع خطط للتنمية الزراعية وتشجيع المواطنين على الزراعة، وأصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في المشاريع الزراعية.

 

وقد مكنت تلك الخطط والاستراتيجيات خلال السنوات الستة الأخيرة من رسم ملامح تحول زراعي في موريتانيا، حيث تضاعف المساحات المزروعة وزاد -بشكل ملحوظ - الإنتاج الوطني من الأرز والحبوب التقليدية والخضروات والتمور.

 

سياسات حكومية لتحقيق السيادة الغذائية؛ 

 

لموريتانيا مقومات زراعية هائلة تؤهلها لتحقيق سيادتها الغذائية المنشودة ولتكون من كبار المنتجين الزراعيين في المنطقة، حيث تمتلك أكثر من نصف مليون هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة ما بين الزراعة المطرية والفيضية والمروية، وأكثر من 13 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وبحسب الاحصائيات الرسمية لا يتجاوز استغلال المخزونات المائية مستوى 15% سنويا.

 

منذ العام 2019 ومع بداية المأمورية الأولى لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني اعتمدت الحكومة سياسة زراعية تقوم على عدة مرتكزات بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحسين المردودية الاقتصادية لهذا القطاع الحيوي وزيادة الإنتاج، وشملت مجالات عمل الحكومة في الميدان الزراعي:

- توفير الأسمدة والبذور المحسنة؛

- بناء السدود والروافد المائية وتأهيل القنوات والمحاور المائية؛

- مكافحة الآفات الزراعية؛

- اقتناء الآليات والمعدات الزراعية وتوفير السياج؛

- تعزيز التكوين والإرشاد الزراعي؛

- الإصلاح القانوني والتنظيمي؛

- تشجيع الاستثمار، ودعم الإنتاج الوطني؛

- التخفيض الضريبي على المدخلات والمعدات الزراعية؛

- دعم الدولة للمدخلات الزراعية والذي وصل نسبة 50%.

 

وقد مكنت السياسيات العمومية في المجال من إنشاء مشاريع زراعية كبرى ساهمت في مضاعفة الإنتاج الزراعي بشكل عام، مما حد من استيراد المنتجات الزراعية وساهم في توفير مبالغ مالية هامة.

 

إنتاج زراعي في تزايد؛ 

 

بفضل السياسات الحكومة اقتربت موريتانيا خلال الحملة الزراعية 2024 – 2025 من مستوى الاكتفاء الذاتي من الأرز، حيث بلغ إنتاجه أكثر من 481 ألف طن، وبذلك يكون أول منتج زراعي تحقق فيه موريتانيا اكتفاء ذاتيا

 

وإلى جانب الأرز تسعى الحكومة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من بقية المنتجات الزراعية فخلال الحملة الزراعية المنصرمة تضاعف إنتاج البلد من الخضروات حيث وصل إلى أكثر من 134 ألف طن، وهو ما يغطي حوالي نصف الاستهلاك الوطني من مختلف أصناف الخضروات، وتأتي هذه النتائج المشجعة بعد عقود من اعتماد البلد على الخضروات المستوردة من الخارج وخاصة من البلدان المجاورة.

وبالنسبة للحبوب التقليدية فقد بلغ إنتاجها سنة 2025 أكثر من 135 ألف طن وهو ما يزيد على 60% من احتياجات البلد من الحبوب التقليدية. 

يوجد في موريتانيا أكثر من 2,5 مليون نخلة بإنتاج بلغ 25 ألف طن سنويا وهو ما يغطى نسبة معتبرة من حاجيات البلد من هذه المادة الأساسية، وتعمل الحكومة على زيادة المساحات الواحاتية، واقتناء آلاف فسائل النخيل المنتجة، وإقامة شبكات لري الواحات القديمة، واستحداث أخرى بما يرفع إنتاج التمور، ويخفف من استيراد هذه المادة المستهلكة بشكل كبيرة.

 

ولأول مرة في تاريخ البلد بلغت المساحات المزروعة خلال هذا العام 52 ألف هكتار، بزيادة قدرها 12 ألف هكتار عن السنة السابقة مما يعكس الوتيرة المتسارعة للعمل المقام به من طرف الحكومة لتطوير الزراعة وزيادة الإنتاج وصولا إلى تحقيق السيادة الغذائية 

 

       صادرات زراعية موريتانية

منذ خمس سنوات بدأت موريتانيا تصدير بعض الفواكه وخاصة البطيخ الأحمر والأصفر إلى الخارج، حيث يذهب معظم الصادرات إلى السوق الأوروبي فيما تذهب البقية إلى الأسواق الأفريقية.

 

وبحسب بعض الإحصائيات بلغ إنتاج موريتانيا من البطيخ الأحمر 400 ألف طن، وبعائد تجاوز خمسة مليارات أوقية قديمة، وقد استطاعت منتجات موريتانيا من هذه المادة أخذ حصة في السوق الأوربية، حيث استحوذت على 10% من السوق الإسباني.

 

     موريتانيا.... آفاق زراعية واعد

بعد النتائج المشجعة للحملات الزراعية الماضية، واستصلاح آلاف الهكتارات من المناطق الزراعية، بدأت موريتانيا تقترب من حلمها بتحقيق سيادتها الغذائية

 

وقد أعلنت الحكومة عن برنامجها للتطوير الزراعي خلال الموسم الزراعي المقبل 2025 - 2026، إذ تخطط للوصول لمستوى الاكتفاء الذاتي من الأرز بإنتاج يصل 550 ألف طن، وهو إنتاج يزيد على حاجة البلد من هذه المادة ما يفتح آفاق جديد لدخول موريتانيا مجال تصدير الأرز.

كما تسعى للحكومة لإنتاج 240 ألف طن من الخضروات، مما سيغطي 56% من حاجة البلد من هذه المادة، و180 ألف طن من الحبوب التقليدية مما سيمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني منها.

 

إن المتتبع للشأن الزراعي الوطني يدرك أن موريتانيا تعيش الآن ثورة زراعية كبرى بدأت ملامحها تتشكل منذ ست سنوات وهي في مسار تصاعدي، فالإنتاج الزراعي تضاعف بشكل كبير وزادت المساحات المزروعة، وأصبح المجال الزراعي مجالا حيويا لاستقطاب رؤوس الأموال واليد العاملة الزراعية مواكبة لجهود الحكومة المصممة - تنفيذا لرؤية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني – على الوصول إلى مرحلة تحقيق السيادة الغذائية وتمكين الموريتانيين من الاعتماد في غذائهم على ما تنتجه أرضهم وأيدهم.

 

 

   بقلم / عبد الرحمن يغل.