إعلان

تابعنا على فيسبوك

إلقاء الدروس أمر سهل/ اعل ولد اصنيبه

اثنين, 22/12/2025 - 14:02

ما كان ينبغي لمن رشقوا أبناء وطنهم بالحجارة بسبب إضافة ساعتين من اللغة العربية أن يرشدوا…!

ومن غير اللائق أن يدعُوَا القوميون البولار–التوكولور إلى التعدد اللغوي، وهم الذين حاربوا دائمًا اللغة العربية، وهي اللغة الرسمية الوحيدة لبلدهم.

فعندما يكونون نوابًا في البرلمان، يرتدون سماعات الترجمة. وعندما يتولّون مناصب وزارية، تُوجَّه إليهم المداخلات بالفرنسية في كل اجتماع أسبوعي للحكومة. وحين يحضرون اجتماعًا أو مهرجانًا، يبدؤون بالصراخ:

«ترجمة، ترجمة، لستم وحدكم، هناك سود معكم!».

مع أن الغالبية العظمى من الموريتانيين أختارت العربية لغةً رسمية، ولا ينبغي إعفاء أي مواطن من هذا الواجب الوطني، سواء كان أسود البشرة أم غير ذلك.

ومع هذا، فإن من يُطلقون على أنفسهم اسم «الديمقراطيين»، والذين يدافعون عن التنوع الثقافي، ما زالوا عاجزين عن نطق جملة واحدة بالعربية الدارجة، حتى بلكنة إفريقية، مع أن ذلك لا يتطلب الجلوس على مقاعد الدراسة.

فأي موريتاني عربي يعيش في مالي دون أن يتكلم البامبارية؟ أو في السنغال دون أن يكون قادرًا على التعبير بالولفية ؟

هذا بالضبط هو الشوفينية المتجذّرة في القومية الضيقة.

ثم إن لغة واحدة إذا لم تنجح في توحيد سكان بلد ما، فإن إضافة ثلاث لغات أخرى لن تؤدي إلا إلى تعميق الارتباك.

وفي حال تم إقرار هذا الترسيم، فلن يفضي إلا إلى تمكين القوميين البولار من رفض العربية بشكل «مشروع» بحكم منح لغتهم صفة اللغة الرسمية. وسيقولون: لماذا تفرضون علينا العربية؟ وما الذي يمنعكم أنتم من عدم استعمال البولارية؟ أليست لغة رسمية، نعم أم لا وهو انسداد في الأفق متوقع .

أما في ما يخص مالي، فإن ترسيم نحو عشرين لغة وطنية مؤخرًا ليس سوى نزوة عابرة، و رد فعل انفعالي تجاه الفرنسيين في سياق مضطرب بمنطقة الساحل، حيث يسود شعور قوي معادٍ لفرنسا. ومع ذلك، تبقى الفرنسية هي اللغة الرسمية الوحيدة في بقية بلدان غرب إفريقيا.

وفي الحالة المغاربية، لا يمكن مقارنة الأمازيغ بالزنوج الأفارقة؛ فالأمازيغ يتكلمون العربية ولا يدعون إلى عزل لغوي بدافع الانكفاء الهوياتي.

إلقاء الدروس أمر سهل، لكن إعطاء المثال أمر صعب. فهو يتطلب قدرًا من التسامح، وألّا يكون المرء قد رشق أبناء وطنه بالحجارة بسبب إضافة ساعتين من العربية في الثانوية، ويتطلب قبل كل شيء وطنيةً غير مؤدلجة عرقيًا، وهو ما يفتقر إليه القوميون ضيقوا الأفق الذين لا ينشغلون إلا بمصالح جماعتهم العرقية.

وأخيرًا، فإن الدول الإفريقية تُعرّف نفسها بالانتماء الإفريقي لا بالانتماء العرقي، ولا تُعرّف أي دولة منها على أنها دولة فولانية أو توكولورية.

فهل ينبغي لموريتانيا أن تكون استثناءً؟

على أي حال، فإن القوميين البولار، الذين لا يستطيعون تفتيت الهويات في أماكن أخرى، يمارسون ضغطًا شديدًا على هذه الدولة العربية التي ينظرون إليها بوصفها الحلقة الأضعف.

اعلِ ولد اصنيبه