
منْ كان يكرههُ يومها .. تنازل عن كُرههِ له يوم مقتلهِ ..
والذي كان يحبه زاد في طُغيانه .. وهو يراه يرفلُ في دمهِ ..
الأول : أيقن أن اللحظة تسجل سقوط حلم كان هو كُل مبتغاه ..
والآخر : أيقن بصدق الرجل الذي اختار السّير وراءه ..
فليس بعد الموت وبذل الروح من عطاء ..
ليشهد الاثنان معاً أن الرجل صدق في أشياء عدّة جعلت منه بطلاً ..
ليس أقلها ثباته على مقولته .. "أنا هنا" ..
ووقع قولهِ "من انتم" أيضا لم يغبْ عن قاتليه صداه .. !
" من أنتم " أرعبت خصومه بالقدر الذي شدت من أزر مناصريه قولته "أنا هنا" ..
الاولى :
أنا هنا .. تأكيد كبير .. تم اثباته باستشهاده ..
والثانية :
من انتم ؟ .. استفهام كبير .. مايزال الى اليوم بحاجة الي اثبات ..
وكأن لحظة موتهِ كانت تسجيل لمسيرة رجل عاش بين مقولتين ..
وبين هاتين المقولتين نُسجت قصصاً وحكايات فيها كمٌ كبير من التضحيات وأن شابت بطولاتها بعضاَ من الخيبات ..!!
وكُنا نتساءل ..
الا يكفيهِ أنه كان ينادينا يا أبنائي ..
وكنا ننعته زوراً بأبشع الصفات .. ؟!!
الا يكفيهِ أنه قال أموتُ هنا ..
وفعلاً هو قد مات حيث اختار .. ؟!!
وليس أقلها أنه كان في كل صرخةٍ يدحض تقولهم عليه بأنه ( سارق .. عميل .. قاتل ) ..
وبموته أسقط ثالوث الادعاءات هذا ..
فصدقَ ..
متى ارتضى الموت الذي صدّع به الآخرون رؤوسنا بأنه كان يذخره لنا .. !!
صدق ..
متى رفض الهروب وكانت تحت حوزته كل الأموال والثروات ..
قالوا عنه سارق :
فكيف يُتهم بالسارق من وجدوا بمجرد رحيله خزائن الدولة تئن بالذهب والمليارات التي تنوء بحملها الجبال .. ؟!!
قالوا عنه عميل :
الا تكفيهِ شهادة العرب والعجم بحجم المؤامرة وأن المراد منها ليس سوى قتله ..
وبنهايته يتقهقر الجميع ويتركوننا نئن في بركِ الدماء .. ننهشُ لحم بعضنا البعض كما الذئاب .. !!
الآن ظهر الكلام عن مخزون الذهب .. والدينار الافريقي .. والعملة الموحدة .. وتقويض الفرنك .. وتعرية الدولار .. وفرض ليبيا كفاعل إقليمي في صنع القرار .. !!
الآن وقد ظهر الكلام على حرب الغاز .. والفضاء التجاري البديل ذو المناخ المعتدل .. المتاخم لدول اوروبا .. والبنية التحتية .. والمطارات .. والنهضة العمرانية .. ومراكز الاقتصاد العالمية .. والمناطق الحرة .. وتبادل الاستثمار .. !!
هاهي الأيام تكشف زيف الاتهامات لترفع الرجل إلى أسمى الدرجات في سُلّم الوطنية ..
هذه حقيقة .. شاء من شاء أو أبى من ابى .. على رأي الخبير كعوان .. !!
قالوا عنه قاتل :
هو كان يقتل الذين كان يعلم علم اليقين انهم المستفيدين فعلياً من قتله .. الذين كنا نموت بالنيابة عنهم .. أولئك القادمون من وراء البحار .. بل كنا نمنعه من الوصول إليهم .. لاخوفاً عليه ولاخوفاً علينا .. وإنما لجهلٍ كان قد صُدِّر الينا .. وصُّبَ عمداً في أدمغتنا .. بماكينات الإعلام المسخرة .. والمدفوعة الثمن من أولئك الذين كانوا يستدرجوننا إلى حلبة السيرك .. واليوم يشربون نخب انتصارهم وهم يتفرجون علينا .. ويصفوننا بالسطحية والغباء .. !!
العجيب انه بعد أن أصابنا الدوار .. بدل أن نبحث عن طريقٍ للخروج .. تجدنا نُحْكِم سد السياج ليطبق على رقابنا .. كما النعاج .. ونمعن في العناّد .. !!
هو كان يعلم علم اليقين :
ان في سقوطه انهياراَ للممانعة ..
وتصدعاَ لجدار الصمود ..
كان يرى من علٍ ضآلة احجامنا ونحن نرقص فرحين ليس بغطاء الامن الذاتي انما بغطاء طيارات الفرنسيين ..
وكنا نراه كبيراً قوياً .. بتجذّرهِ في عمق ليبيا .. لاينطق الا بها .. غير آبهٍ بسجيل الطيور الابابيل .. !!
.gif)

.gif)
.jpg)


.gif)